واذ بنسخة ثالثة منهما تدخل المترو عند المحطة ... ترتب فى حقائبها السوداء الكبيرة الممتلئة...وما ان تغلق الابواب تلقائيا حتى تنادى صائحة " حد عايز شربات..اكسسوارات ..معصم ........ " لتلمحهما فى أخر العربة مستندتان الى ذلك العمود ... فيتبادلن الابتسمات ..ثم السلامات ..وقبلات الحفاوة والترحاب..واسئلة من نوعية ..انتى فين ..مبنشفكيش ليه......وتأتى الاجابات بنفس الكيفية .
اما البائعة ذات العباءة المنقوشة وغطاء الرأس الاسود والتى لا يزيد عمرها بأى حال عن 25 عام ، قطعت كلامها معهن فجأة لتستجيب لطلب أحدى السيدات من راكبات القطار والتى كانت تسأل عن قلم ....لتخرج البائعة قلم من حقيبتها الشخصية ...ثم كتيب صغير قائلة " اتفضلى لو عايزة ورقة اقطعى من الاندكس indexبتاعى " .
واستمرت صاحبتنا هذه فى الحديث الشيق مع البائعتين زميلات المهنة ...وكل منهن تشكى من الاحوال والهموم ...ولكن بلهجة تتناقض مع هذه الهموم ...كل منهن تحكى همومها والابتسامة لا تفارق وجهها ...كانت لهجة حوارهن مليئة بالبشر...ربما السخرية...سخرية من الواقع الذى جعل من صاحبة العباة ذات ال25 عام والتى ترتدى دبلة من الفضة فى يدها الشمال تختبىء لاسفل عند كل محطة من محطات القطار حنى لا يراها المفتشين .
وتستطرد فى الحديث مع البائعات "انتو مش هتبيعوا بأه ...انا عن نفسى مكسلة شوية " ....
فتقطع احدى الراكبات حديثهن " عندك دبابيس تحجيبة " ...فتنشغل صاحبتنا فى هذه البيعية التى لن تزيد عن 50 قرش ....
واذ بسيدة كبيرة فى السن تنظر اليها نظرة حانية قائلة " طيب وانتى يا بنتى بتعملى ايه مع المفتشين لما يشوفوا البضاعة " ...
فتجيب صاحبتنا بنفس الضحكة الساخرة " مرة واحد مفتش قابلنى فى الدمرداش ..قالى معاكى ايه..قلتلة اصدك فى التعليم ولا البضاعة..قلى الاتنين ...قلتله البضاعة ..معايا اكسسوارات ومكياجات...ام التعليم فمعايا ليسانس اداب فرنساوى ... قالى اتكلى على الله "
ثم انتلقت صائحة " حد عايز بديهات ..شرابات..اكسسوارات...قلم كحل...رو.....................................................................................................................................................